في ديوانها الأول
"تقفز من سحابة
إلى أخرى"،
قدمت الشاعرة والفنانة التشكيلية غادة
خليفة، عالما تتماس
فيه حدود اللوحة
والقصيدة، لتقدم قصيدة
تشبه اللوحة، أو
لوحة تشبه القصيدة، غير أنها
في ديوانها الثاني
"تسكب جمالها دون
طائل"، الصادر
أخيرا عن دار
شرقيات، تقرر أن
تقدم تجربة مختلفة،
تؤكد فيها على
أنها شاعرة وفنانة
تشكيلية، وتدرك الفارق
بين الاثنين، فتقدم
عالمين متوازين، قصائد،
ولوحات من الفن
التشكيلي.
أفضل هنا أن
أبدأ بالفنانة التشكيلية، حيث لا
يمكن النظر إلى
اللوحات المرفقة بالديوان، إلا على
اعتبار أنها جزء
من النصوص، يكمل
بعضها بعضا، ويشرح
البعض الآخر، ويوازي
جزءا ثالث، غير
أنه في كل
الأحوال لا يمكن
النظر إلى العمل
إلا كنص واحد،
يمزج الفن
التشكيلي بالشعر، وقديماً
عدَّ أرسطوطاليس الرســــم شكلاً شعرياً،
مثلما هو الشأن
بالنسبة إلى فنون
النـــــحت والرقص والموسيقى، وجعل أحد
قدماء اليونان الشعر
رسماً ناطقاً، والرسم
شعراً صامتاً، كما
أشار الفارابي إلى
العلاقة بين الشعر
والرسم محدداً موضع
كل منهما إذ
يرى أن بين
صناعتي الشعر والتزويق مناسبة فهما
مختلفان في مادة
الصناعة ومتفقان في
صورتهما، ذلك أن
موضع الأولى الأقاويل، وموضع الأخرى
الأصباغ، وأن بين
كليهما فرقاً، إلا
أن فعليهما جميعاً
التشبيه، وغرضيهما إيقاع
المحاكيات في أوهام
الناس وحواسه، وبعيدا
عن التعقيدات التاريخية، فإن غادة
خليفة في هذا
الديوان الذي يقدم
نصا واحدا من
الكلمة واللون، تقدم
نصها الخاص، الذي
تمزج فيه بين
موهبتيها في الكتابة
والرسم، لتقدم لوحة
شعرية، أو نصا
مرسوما بعناية فائقة،
ومن هنا يمكن
ملاحظة أن ثمة
امتزاج ما بين
البنية والدلالة، الشكل
والمعنى، الأداة التعبيرية والرؤية.
يمكن قراءة تجربة
غادة خليفة الشعرية
على اعتبار أنها
متوالية شعرية، إذا
جاز التعبير، فهي
بعد أن كانت
في ديوانها الأول
"تقفز
من سحابة إلى
أخرى"، بما
يوحيه ذلك من
براءة الاكتشاف، واحتفاء
بالعالم، وإقبال عليه،
أصبحت في ديوانها
الثاني "تسكب جمالها
دون طائل"،
بما يوحيه ذلك
من مرارة الفقد،
والوحشة، ونلاحظ هنا
أن اسمي الديوانين يبدآن بفعل
مضارع، تقوم به
الشاعرة، فالأول فعل
القفز يحيلنا إلى
الصعود، بينما يحيلنا
الثاني "تسكب" إلى
فعل الهبوط، والصدمة، خاصة أن
هذا السكب بدون
طائل في النهاية، وهو ما تكشف عنه قصيدة امرأة "الطِّفلَةُ الَّتِي أُرَبِّيهَا دَاخِلِي، مَتَى
اختَفَتْ؟، وَصَعَدَتْ تِلكَ
الأُخرَى، الَّتي يُشعِلُهَا الهَوَاءُ الـمُلوَّثُ بِالبَارفَان" وربما
يكون هذا المأزق
الذي تريد أن
تخرج منه لتعود
إلى كينونتها الأولى
فتقول في آخر
القصيدة "لَا أُرِيدُ
أَنْ أَكُونَ امرَأَة"، وفي نص آخر تقول "جَسَدِي/
ذَلِكَ الغَرِيبُ عَنِّي/
يَعرِفُكَ".
الديوان إذن منذ
عنوانه الشارح، يخلع
ثوب البراءة، ليقدم
عالما غرائبيا، كابوسيا
في معظم الأحيان، يقدم ذاتا
شاعرة تصنع عالما
افتراضيا، وذاتا افتراضية، وآخرين افتراضيين، تؤنسن فيه المشاعر
"الفقد"، والجماد "الكومبيوتر"، بدلا من
هذا العالم المشوه.
بالإضافة إلى المزج بين التشكيلي والشعري، تستخدم غادة خليفة في قصيدة مكعب روبيك، فنية السيناريو، معتمدة في ذلك على بعض الأفلام الأمريكية، وتقنيات الكتابة للسينما لتتداخل فيها الذات الشاعرة مع ذوات نساء أخريات شاهدناهن في أفلام معروفة، كما تقدم عددا من القصائد المركبة مثل "كابوس التمام"، و"يوميات كنكة وحيدة"، حيث تعتمد الثلاث قصائد الماضية على معمار فني فريد، يعتمد على البناء التراكمي للصورة الشعرية، والحدث الشعري في آن، فضلا عن وجود نص واحد ممتد بطول الديوان، بدون عنوان، فقط يحمل أرقاما، يتقاطع ويتوازى مع القصائد المعنونة، لكنه في النهاية، يقدم الحالة العامة للديوان، والتي تتداخل فيها غنائية الفقد مع نثرية النص.
توجد ثلاثة عوالم
متداخلة في ديوان
غادة، عالم الفتاة
التي تجاوزت عالم
المراهقة واصطدمت بواقع،
فتهرب إلى صنع
عوالم بديلة، وعالم
الكتابة الذي يبدو
بوابة للهروب حتى
لو كانت مجرد
مخرج غير مأمونة
العواقب "وَلَا أعرِفُ
أبَدًا لِمَاذَا أكتُبُ
مَا أكتُبُهُ الآنَ؟"،
والعالم الثالث هو عالم
النور والظلام، والذي
تتنقل بينهما في
حالة تخبط تكشف
مأزق الذات الشاعرة، بين عالمين واقعى
وافتراضي، وتشي
من جهة أخرى بروح الفنانة
التشكيلية التي تعتمد
على الظلال أحيانا
في بعض لوحاتها
"الحُجرَةُ مُظلِمَةٌ، وَأنَا
أيضًا، كِلانَا يُحَاوِلُ أنْ يَمتَصَّ النُّورَ مِنْ
شَاشَةِ الكُمبيوتر".
هذا العالم يبدو حاضرا بقوة في العديد من النصوص،
فالظلام والليل يبدوان في بعض الأحيان انعكاس للعالمين، العالم الحقيقي والمتخيل، "أيُّها
اللَّيلُ الَّذي يَرسِمُ
دَوَائِرَ صَغيرَةً حَولِي/../
مَا الَّذِي أصَابَنِي لأُطَارِدَكَ؟"، فهي تلجأ للظلام خوفا من النور"خُذُونِي إِلَى الظَّلامِ عُنْوةً عيناي تَالِفَتَانِ مِنْ النُّورِ"، رغم أن النور في نص آخر يبدو هو رؤية العالم الذي تهرب منه
"النُّورُ
لَا يَأْتِي مِنْ
أَيِّ اتِّجَاهٍ، أَكَادُ أَفقِدُ
بَصَرِي، الظُّلْمَةُ شَدِيدَةٌ وَلَا أَحَدَ
يُدرِكُهَا سِوَايَ،
بِالنِّسْبَةِ
لِلآخَرِينَ، أَنَا أَسبَحُ
فِي النُّورِ".
الرغبة في الخروج
من العالم الأول
بالكتابة تبدو مع "النَّصُّ يَرغَبُ في
التَّوَقُفِ هُنَا، حَتَّى
مَعَ عَدَم اكتِمَالِ الـمَعنَى"،
فتلجأ للأغنية التي
تكشف أزمة الذات
الشاعرة "(شَاديَة)
تَصدَحُ بِأُغنِيَّةٍ مُرَّةٍ
قَليلًا رَغمَ حَلاوَتِهَا، تَحكِي عَن
حَبِيبِهَا، تَقرِيبًا تَتَسَوَّلُ مَشَاعِرَهُ، تَحكِي
عَن نِصفِ العَالمِ الـمُضِيءِ، وَلا
تَذكُرُ الظَّلامَ بِكَلِمَةٍ صَغِيرَة"،
فهي لا تحكي هنا عن
عالم شادية بقدر
ما هي
تصف العوالم الثلاثة
التي تقدمها في
ديوانها، مع استبدال
الكتابة بالغناء، وهو
ما تشير إليه
في آخر النص
"غَالبًا للأُغنِيَّة بَقِيَّةٌ لم يَكتُبها أحَد".
الكتابة ليست فقط المخرج من العالم وإلى العالم بالنسبة
للشاعرة، بل هي حسبما تطرحها في
السطر الأول من
الديوان غناء "أبْحَثُ
عَنْ أُغنِيَةٍ"،
ومهام الكتابة/ الغناء
أنها "تَصِفُ قَلْبًا
فَارِغًا لِلتَوّ، تَشْرَحُ اكْتِمالَ فُقدَانِ الثِّقَة، تَرصُدُ
الدِّفءَ الـمُتَسَلِّلَ مِنْ
الذَّاكِرَةِ،حِينَمَا يَصطَدِمُ بالضَّيَاعِ"، وحالة التماس بين الشاعرة والكتابة هنا تتجلى في قولها "إِنَّ مَا
أَكتُبُهُ الآنَ هُوَ
مُجَرَّدُ انعِكَاسٍ سَاذَجٍ
لِي"
والكتابة تبدو أحيانا مبررا للحياة، كما
تطرحها غادة، وأحيانا "الكِتَابَةُ تَسْرِقُنِي مِنْ
الحَيَاةِ، وَلكِنَّ الحَيَاةَ نَفسَهَا لا
تَرغَبُ بِي"الكتابة
نتيجة للألم "لَا
أَستَطِيعُ كَتمَ الأَلَمِ، سَأَكتبُهُ فَقَط"، الكتابة تبدو هي البديل لزيف الواقع والآخرين "الكِتَابَةُ لم
تَتَخَلَّ عَنِّي وَلَو
لِمَرَّةٍ وَاحِدَة،
لمَاذَا
عَلَيَّ أنْ أَختَارَ بَينَ أَنْ
أَكتُبَ وَأَنْ أُحِبَّ؟"، وحين تبدو في
حيرة، ما بين
اختيار الكتابة، والآخر،
"أختَارُ الكِتَابَةَ يَا
أُختِي، أَختَارُ الكِتَابَةَ هَذِهِ المَرَّةِ أَيضًا"،
وكلمة أيضا هنا تعني
أن هذا الاختيار متكرر. لمن الكتابة
إذن، تقول غادة
"لا أَحَدَ يَنتَظِرُنِي عَلَى هَذَا
الرَّصِيفِ، مَعَ ذَلِكَ
سَأَكتُبُ، أَكتُبُ لِلَّذِينَ لَا يَعرِفُونَنِي، الَّذِينَ يَعرِفُونَنِي يَرغَبُونَ فِي
مَعرِفَةِ الأَسمَاءِ وَالأَحدَاثِ الكَامِلَةِ" فقط
"الَّذِينَ لَا يَعرِفُونَنِي أَكثَرَ"، ومن
هنا تظهر
الكتابة هي الأمل
الوحيد وسط هذا
الضياع "حياتي ستضيع
/ تضيع الآن/ بينما
أكتب"، وَالحَدُّوتَةُ لَنْ تَنفَتِحَ كَمِظَلَّةٍ لِتَقيَ
القَلبَ
يقودنا هذا إلى الكلمة الأكثر ترددا في الديوان، وهي
الفقد، افتقاد
الافتقاد "أَفتَقِد افتِقَاد رَجُلٍ لي"،
وهذا المعنى يتكرر في نصوص مختلفة "أَنَا مُنجَذِبَةٌ لَكَ وَخَائِفَةٌ مِنكَ، أفتَقِدُكَ وَأَنجَذِبُ لَكَ وَأَخَافُكَ"، وتقول "أرغَبُ فِي
أَنْ يَحتَاجَنِي أَحَد".
تسعى غادة خليفة
في قصائدها إلى
أنسنة الفقد، فحالة
افتقاد الافتقاد، تؤكد
أن الونس مؤقت،
على حافة ما،
هذه الحالة من
الفقد تجعلها تقف
ساعة كاملة أمام
المرآة "لأتَأكَّدَ مِنَ
اختِفَاءِ الألَمِ والفَرَحِ معًا"،
فتفقد المشاعر المتضاربة أيضا، وهذا الفقد
هو الذي يجعلها
لانتظار الظلام ومخاطبته
"أَيُّها الظَّلامُ الَّذي
يَستَكِينُ بِجِوَاري/ لقَد
انتَظَرتُكَ طَوِيلًا"
هذا الفقد، يجعلها
تشعر أن الذات
الشاعرة ربما تكون
متسببة في هذه
الحالة، فتدفعها إلى
البحث عن ذات
أخرى "يَا مُوسِيقَى الرُّوح/ امنَحِينِي قَلْبًا آخَرَ"، أو البحث عن آخر "يَا حَبِيبِي الَّذِي يَنتَظِرُ حَبِيبَةً مَا/
أَنَا هُنَا"،
وتذكر رؤية غادة
هنا، بتعريف بودلير للفن بأنه سحر
إيمائي يحتوي الشيء
والموضوع في آن
واحد، العالم الخارجي
للفنان والفنان نفسه، فالآخر في
قصيدة أخرى بلا
اسم "إلى رجل
بلا اسم"،
ورغم أنها تعلن
أنها تحتاجه جدا
إلا أنها تقول
"مِنْ فَضْلِكَ لا
تَأتِ"
في قصائد غادة،
هناك آخر، غائب
دائما، ثمة هوة
أمام الآخر، لا
تدرك مع القصائد
من المتسبب فيها،
وربما كانت هذه
الحيرة مقصودة من
الشاعرة، ففي قصيدة Messenger، فنحن أمام آخر غير حقيقي، وإنما يقف خلف شاشة صغيرة،هذه الهوة،
تفسرها غادة في
القصيدة بالخرس "جَسَدِي
أَخرَس، لا يُنَاوِشُ أحَدًا، لا
يُسَاوِمُ عَلى الدِّفءِ،وَلا يَرغب"، كما يبدو الآخر حياديا
أحيانا، بلا مشاعر
تقريبا، يتلقى الفعل
دون رد، كأنه
غير موجود، إلا
لكي يكتمل النص،
ولكي تصبح الذات
الشاعرة هنا "شِرِّيرَةٌ فِعْلًا/ رُبَّمَا سَأُحَوِّلُكَ إِلَى
شَجَرَةٍ/ كَي أَجلِسَ
تَحْتَ ظِلِّكَ/ بِرَحَابَةٍ"، المشكلة أن الآخر
ليس هو من
تريده الشاعرة " فِي
كُلِّ الـمَرَّاتِ أَصْطَدِمُ بِرَجُلٍ وَحِيدٍ، يَفْتَحُ ذِرَاعَيهِ وَيَنتَظِر، فِي
كُلِّ مَرَّةٍ أَعرِفُ
أَنَّهُ لَيسَ رَجُلِي
وَأَنَّنِي لَستُ امرَأَتَه، أَستَدِيرُ لجُبنٍ
أَوْ لِشَجَاعَةٍ، وَأَمْشِي".
إشكالية الذات الشاعرة كما تقدمها غادة أنها "أزن العالم بمشاعري"، بينما إشكالية الآخر أنه
"يحول مشاعره إلى
مجموعة معادلات صغيرة،
ببداية واضحة ونهاية
متوقعة"، لذا
هي تبحث عن
اللحظة الآنية فحسب،
والآنية فقط "لا
أعرِفُ إِنْ كُنتُ
سَأهتَمُّ بِهِ غَدًا
أم لَا/ أنَا
أهتَمُّ الآنَ،
لا أُرِيدُ تَعقِيدَ حَيَاتِي وَلا
أَرغَبُ بِانتِظَارِ الغَدِ
البَعِيد"، لأن
الغد هنا مبني
على حسابات العالم
العادي، الذي تتجاوزه
غادة ببناء عالم
جديد، أو تتخلى
عنه، أو تفتقده.
تقدم الذات الشاعرة نفسها بأنها ليست "المـُرَاهِقَةَ الَّتِي تُحِبُّ الرَّجُلَ الَّذِي ابتَسَمَ لهَا، وَهِي تَبكِي"، وأنها "عَادِيَّةٌ وَمُفعَمَةٌ بِكَ دُونَ أنْ أعرِفَ السَّبَبَ".
تقدم الذات الشاعرة نفسها بأنها ليست "المـُرَاهِقَةَ الَّتِي تُحِبُّ الرَّجُلَ الَّذِي ابتَسَمَ لهَا، وَهِي تَبكِي"، وأنها "عَادِيَّةٌ وَمُفعَمَةٌ بِكَ دُونَ أنْ أعرِفَ السَّبَبَ".
أكثر ما يميز ديوان غادة، هو الصور الشعرية المدهشة،
فإذا قلنا أن أحد مهام النص الأساسية هي الإدهاش، فإن غادة استطاعت أن تفعل ذلك
كثيرا في ديوانها مثل "فُرشَاةُ الأَسنَانِ لَنْ تَعثُرَ
عَلَى فَتَافِيتِ الذِّكرَيَاتِ العَالِقَةِ،
كَانُوا يُحَوِّلُونَ أنفُسَهُم إِلَى مُوسيقى، فكُنتُ أتَحَوَّلُ إِلَى إِسفِنجَةٍ كَي أَمتَصَّ الجَمَالَ، أَمشِي مَكشُوفَةَ الضَّعفِ، قَلبِي مِطْفَأةُ سَجَائِرَ قَدِيمَةٌ، مُمتَلِئَةٌ عَنْ آخِرِهَا بِالدُّخَانِ مَعَ ذَلِكَ
تَبرُقُ، و اسمُكَ يَتَنَزَّهُ دَاخِلي في
سَلامٍ".
تقدم غادة خليفة في ديوانها "تسكب جمالها دون
طائل"، تجربة شعرية ناضجة، مفعمة بالشعرية، واكتشاف مناطق جديدة في الكتابة،
وارتياد مسافات جديدة بين الفنون، الشعر والفن التشكيلي والسينما، وتقديم نص جديد،
مختلف، يمتلئ بالشاعرية، والظزاجة، والتجريب والموهبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق